اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 100
الحرمان آيَةٌ ظاهرة دالة على الهدى الحقيقي فِي فِئَتَيْنِ وفرقتين حين الْتَقَتا إحداهما فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لإعلاء كلمته واظهار توحيده وَأُخْرى كافِرَةٌ تقاتل في سبيل الطاغوت مع الموحدين مكابرة وعنادا ومع كونكم ايها الكافرون المعاندون بأضعاف المؤمنين الموحدين وكثرة عددكم وعددكم يَرَوْنَهُمْ اى المؤمنين مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ اى في بادى النظر ويرهبون منهم رهبة شديدة بتأييد الله ونصره وَاللَّهُ المحيط بجميع ما جرى في ملكه يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ العزيز مَنْ يَشاءُ من عباده المخلصين في أطاعته وانقياده إِنَّ فِي ذلِكَ التأييد والنصر مع ظهور عكسه لَعِبْرَةً تبصرة وتذكرة لِأُولِي الْأَبْصارِ المستبصرين بنظر الاعتبار عن سرائر الأمور واسرارها بلا التفات لهم الى مزخرفات الدنيا الدنية من شهواتها ولذاتها المنهمكين المستغرقين في بحر الغفلة والغرور
إذ زُيِّنَ اى قد حبب وحسن لِلنَّاسِ المغرورين لزخرفة الدنيا حُبُّ الشَّهَواتِ اى المشتهيات المنحصرة أصولها في هذه المذكورات مِنَ النِّساءِ اللاتي هن من اشهاها إذ هن ما جعلن الا للوقاع والجماع الذي هو من ألذ الملذات النفسانية وَالْبَنِينَ للمظاهرة والمفاخرة والغلبة على الأقران وَالْقَناطِيرِ اى الأموال الكثيرة الْمُقَنْطَرَةِ المجتمعة المخزونة مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لكونها وسائل الى نيل جميع المشتهيات التي مالت القلوب إليها بالطبع وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ المعلمة المنسوبة إليهم ليركبوا عليها خيلاء بطرين وَالْأَنْعامِ من الإبل والبقر والغنم ليحملوا عليها اثقالهم ويأكلوا منها ويزرعوا بها وَالْحَرْثِ ليعيشوا بها كل ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا الدنية بل من اجلة أمتعتها الفانية المانعة من الوصول الى جنة المأوى التي هي دار الخلود وموعد لقاء الخلاق الودود وَبالجملة اللَّهُ الهادي للكل الى سبل الصواب عِنْدَهُ لمن توجه نحوه واستقبل اليه حُسْنُ الْمَآبِ وخير المنقلب والمتاب
قُلْ يا أكمل الرسل للمؤمنين المخلصين في عبادة الله الراغبين الى جزيل عطائه وجميل جزائه الطائرين نحو فضاء فنائه الطالبين الوصول الى شرف لقائه الفانين في الله ليفوزوا بشرف لقائه تحريكا لسلسلة شوقهم الفطرية ومحبتهم الجبلية أَأُنَبِّئُكُمْ وأخبركم ايها الحيارى في صحارى الإمكان الموثقون بقيود الأكوان المحبوسون في مضيق الحدثان بسلاسل الزمان وأغلال المكان بِخَيْرٍ بمراتب ودرجات مِنْ ذلِكُمْ الذي قد ملتم إليها واشتهيتم الى نيلها ووصولها بالطبع في نشأتكم هذه حاصل واصل لكم في النشأة الاخرى لكن لِلَّذِينَ اتَّقَوْا منكم عن محارم الله وتوجهوا نحوه في نشأة الدنيا ولم ينكبوا على ما نهاهم الله عنه بالسنة رسله وكتبه عِنْدَ رَبِّهِمْ الذي وفقهم على ترك المحظورات واجتناب المكروهات والمنكرات جَنَّاتٌ متنزهات المعارف والحقائق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ المملوة بمياه الحيات المرشحة من بحر الذات على كؤس التعينات خالِدِينَ فِيها دائما لا يتحولون عنها الا الى درجات هي أعلى منها وَلهم فيها ايضا أَزْواجٌ اعمال واحوال مُطَهَّرَةٌ خالصة عن مطلق الرياء والرعونة صافية عن كدر الميل الى البدع والأهواء المورثة لانواع الجهل والغفلات وَمع ذلك لهم علاوة على الكل عند ربهم رِضْوانٌ عظيم مِنَ اللَّهِ لتمكنهم في مقام العبودية وتحققهم بمقام الرضاء بعموم ما جرى عليهم من القضاء بحيث لا ينسبون شيأ من الحوادث الكائنة الى الأسباب والوسائل العادية ولا يرون الوسائط في البين أصلا وَاللَّهُ الهادي للكل بَصِيرٌ بِالْعِبادِ الراضين المرضيين بقضاء الله وإمضائه
يعنى الَّذِينَ يَقُولُونَ بألسنتهم موافقا لما في قلوبهم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 100